_ مَرَّات يِگعِد يْجابِلني، ويْخَنْزِر چَنِّهْ طَنبُور طین، شْمارِدِت أدري أصله منين، خو ما طالع من فطر الگاع ، شو بس مْبحلگ،واذا حُمَگ،يُومي صوب الهور.

النساء تحب أبو حميد، لأنه كثيراً ما يساعد الأطفال عند السيل، سيما ما يصنعه لسد "الحِمِل" والروافد الزاحفة نحو البيوت الطينية؛ فيساعدنه في الإطعام، يخصصن له في البيوت الخلفية مكاناً قرب البهائم، وقاية من الشتاء القارس، لكنه لم يلبث طويلاَ، حتى تجده هارعاَ بفزع من هناك دون رجعة، سالكا طريقه صوب النهران. تقول عنه نساء المنطقة:

_ مرّه یِسْبَح "بالکرخه العَمْیِه"، ومرّه "بْشَط عِلي"، ما یِشْبَع من السِبِح، چَنِّهْ "عْبِید الماي"، والزغار یْصَیْحون علیه: «عْبِید الماي، تْرید حِلیب لو چاي»، ویجینا صوت من بعيد: چاي)))) چاي)))).

_ چِنِتْ اغْسِل المواعین بْشَط "الهُوفَل"، وشِفْتِه یْصِید سِمْچِهْ چِبیرهْ بِالفَالهْ، طِرگاعَهْ، ما چانتْ سِمْچِه، چانت کُوسَيْ.

_ ذابّين سِرِّهْ بِالماي، نُوبَهْ بْشَط "السَابلِه" يْفُوي، ونُوبه بْشَط "النِیسَان"، نوبه بْشط "الهوفل" ونوبه بشط "ابو چْلاچ"، وین ما لگیت مای چِثیر، گول ابوحْمِید هْناك، وعِرسِه لو تْصير زُودِه.

الشْيوخ هم الوحيدون الذين يرقبون إليه، على الدوام، بشيء من الغرابة، والبعض يتخيّله أنه ليس بشراً بل "طنطل"، أو كائناً آخر، مع نصف بشر. يقول عنه الشيخ مالح وهو يعيش في "هور العْظِيم":

_ المَصْيُوب عِدِّهْ عُمُر تُفْگِه،چِنْت زغیرون، ماشي وَيَّ ابوي للگَنِص، والتفّت علینا خوره، واختبص ماي الهور،وشفنا "أبوحمید" یجي صوبنا بمشحوف حربي، ما نِدرِی مْنِين مْحَصِّل علیه وشْلُون نَجّانا.

بعد أن شحَّ الماء وجفَّت النهران، لم يعد أحد يرى "أبو حميد"، لا في "السابله" ولا في شط "أبو چلاچ" وكأنّه رحل مع المياه وتبدّد.

هناك بعض الشيوخ يقولون، أنهم رأوه يشق الكرخة بالطرادة، لكن لا أحد يصدّقهم، وأهل السَلَف، تضحك عليهم، وتصفهم أنهم مصابون بالخرفنة، وينعتونهم بهذه العبارة: "دشّوا بالعمرين".

راحت المياه تجفّ بالكامل، والمزارعون يهاجرون من قرية إلى قرية، ومن قرية إلى مدينة، إذ اندثرت بعض القرى، ونشف ماء الهور، وغادرها الطير والسمك، ولم يعد أحد يذكر "أبو حميد"، أو يسأل عنه، وراح شيئاً فشيئاً ينساه الجميع.

في صباح يوم باكر، كانت السماء ملبدة بالغيوم ورياح يائسة ترتطم بالنوافذ الحديدية المغلقة، فتناهى إلى مسامع الناس، وهم بين اليقظة والنوم، صوت صبية يتردد في الشوارع والأزقة:

«كلِّ الْمِطايا شَيِّبَتْ

وأبو حْمِيد بَعْدِهْ يَحَشْ»


المنبع:موقع بروال